مذكرة زراعية من عقل إلى رئيس الحكومة المكلف: توصيف لواقع القطاع واقتراحات آنية واستراتيجية للإنماء

رفع رئيس لجنة الزراعة في غرفة التجارة الدولية - لبنان، رئيس جمعية أسبلنت – في لبنان ميشال عقل، مذكرة الى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، عن أوضاع الزراعة اللبنانية، داعيا الى وضع سياسة تنفيذية آنيّة وخطة عاجلة وطموحة تكون الأساس المتين لمستقبل الزراعة اللبنانية، في المراحل المتوسطة والبعيدة المدى. وايجاد الحلول لمشاكل الحاضر من خلال الرؤية المستقبلية لدور الزراعة في لبنان، حتى لا نقع في مشاكل أكبر وأمَرّ في ما بعد.
ودعاعقل الى وضع خطة مستقبلية تأخذ في الاعتبار تفعيل الادارة وتنسيق العمل الفنّي وتفعيله والاستفادة من المشاريع المشتركة، مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصندوق الدولي للّتنمية الزراعية، والدّول والمؤسّسات المانحة الأخرى. وإشراك هيئات المجتمع المدني والأهلي والنقابات والجمعيّات الزراعيّة، والوزارات الأخرى ذات الصلة، وجعل لبنان مركز تسويق منافسا، وتفعيل حركة الترانزيت وإعادة التصدير وتنظيم مهنة مزاولة التسويق الداخلي والخارجي، وتفعيل الصناعات الزراعية والغذائية ذات قيمة مضافة عالية عن طريق الإعفاء من الضرائب والرسوم، والابتعاد عن الاعتبارات السياسيّة والمناطقيّة والطائفيّة، الى ما هنالك من إعادة بناء البنية التحتيّة للزّراعة اللبنانيّة.
وتساءل عقل: هل من دور للزراعة في لبنان؟ ويقول: الواقع الذي يجب ألا نتجاهله هو ان القطاع الزراعي في لبنان، بعد الحوادث الاليمة التي مرّ بها على مدى 25 سنة، يجابه مشاكل عدة اهمها: انحسار الاسواق امام الانتاج الزراعي اللبناني المصدر، ناهيك عن التطور السريع الذي طرأ على الانتاج الزراعي في الدول المجاورة للبنان، والمنافسة الشرسة امام الانتاج الزراعي اللبناني في اسواقه التقليدية، هذا عدا عن اسواق اوروبا الغربية التي خسرها لبنان منذ زمن بعيد .
وتاتي بالدرجة الثانية، بحسب المذكرة، السياسة المتبعة في دعم القطاع الزراعي في لبنان، التي تقتصر في الوقت الحاضر على دعم زراعة التبغ والقمح ليس إلا. ثم إن الوضع المؤسسي للزراعة اللبنانية والبنية التحتية لهذه الزراعة، لم تكن لتشجع على التطوير والنمو: فالتحدي الاول والاساسي ياتي من اوضاع الحيازة الزراعية اللبنانية الصغيرة، المفتتة، المبعثرة، التي لا تفسح في المجال للمكننة وادخال الآليات والتحديث الزراعي، ودون ان يكون هناك برنامج متكامل لاعادة توحيد الاراضي والملكية الزراعية. واليد العاملة الزراعية اللبنانية تنتقل باستمرار من القطاع الزراعي للعمل في قطاعات اخرى من الاقتصاد القومي، فيضطر المزارع الى الاعتماد على اليد العاملة الاجنبية للاستمرار في انتاجه وعدم تبوير الارض الزراعية. ومشاريع الري تكاد تكون معدومة في لبنان ما عدا ما قامت به وزارة الطاقة والمياه ومجلس الانماء والاعمار منذ سنة 1994، في تنفيذ مشروع تأهيل قطاع الري، بمبلغ 52 مليون دولار كقرض من البنك الدولي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية. والرقعة المروية في لبنان لم تتعدّ 85 الف هكتار من الاراضي الزراعي المروية، في الوقت الذي اصبحت هذه المساحة في سوريا تناهز مليونا ومئتي ألف هكتار. والتسليف الزراعي المؤسسي وضعه مأسوي. والواقع المؤسف أنه لا يوجد في لبنان في الوقت الحاضر، مصرف مؤسسي للتسليف الزراعي، كما ان القطاع المصرفي الجاري في لبنان لا يسلف الزراعة باكثر من 1,26 في المئة وفقا لاحصاءات جمعية المصارف اللبنانية والبنك المركزي .
وتشير المذكرة الى تعثر الابحاث العلمية الزراعية والتعليم الزراعي بالرغم من الجهود التي تقوم بها مصلحة الابحاث العلمية الزراعية وكليات الزراعة في الجامعة الاميركية، والجامعة اللبنانبة والجامعة اليسوعية وجامعة الروح القدس. فالامكانات المتوفرة لهذه المراكز العلمية البحثية هي اقل من تطلعاتها في بلد هو بأمسّ الحاجة الى التقنيات الحديثة في الزراعة للوصول بلبنان الى القرن الواحد والعشرين .
ويعدد عقل العناصر الاساسية لخطة متناسقة ومتكاملة للانماء الزراعي في لبنان مثل العمل على تنشيط وتفعيل العمل في وزارة الزراعة والمصالح التابعة لها، او تحت وصايتها، واعادة تحريج لبنان، كل لبنان، وضم المشروع الاخضر الى وزارة الزراعة، وتنظيم الصيد البري والصيد البحري، ونقل التكنولوجيا الحديثة على مستوى الزراعة اللبنانية، والتنسيق بين وزارتي الزراعة والطاقة والمياه واجب في هذا الحقل ومتابعة مشروع تأهيل البنية التحتية لمشاريع الري، وقدره 53 مليون دولار كقرض من البنك الدولي، تستوجب انهاء تنفيذ المشاريع في كل من اليمونة والليطاني في البقاع الجنوبي، والقاسمية / رأس العين والضنية وعكار والباروك والنهر الكبير، ودعم المزارع اللبناني في تصريف انتاجه، ان في الاسواق الداخلية، عن طريق تنظيم التسويق الزراعي الداخلي، او باعادة النظر بالاتفاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول الصديقة، او بحماية الانتاج الزراعي من المنافسة الخارجية.
وتناول عقل التسليف الزراعي والتطلع الى ان تكون وزارة الزراعة هي الرائدة في أعمال التنمية الريفية ومحاربة الفقر والقضاء على البطالة في جميع المناطق المهمشة من لبنان. واشار الى أنه لدى وزارة الزراعة عدة دراسات مستفيضة ومتطورة عن تخطيط القطاع الزراعي.