كلير شكر
يمثل النائب العكاري خالد ضاهر «اللقاء الإسلامي المستقل» الذي يضم مجموعة من الشخصيات والجمعيات الإسلامية إضافة إلى «تيار العدالة والتنمية» الذي جرى تأسيسه أواخر العام 2006. وهو يؤكد انتماءه إلى تكتل «لبنان أولاً» انطلاقاً من خوضه الانتخابات النيابية ضمن لائحة «تيار المستقبل» ما يعني بالنتيجة انتماءه حكماً إلى «كتلة المستقبل» كحليف وليس ملتزماً في تنظيم «المستقبل».
فاز ضاهر في الانتخابات النيابية للمرة الأولى في العام 1996 باسم «الجماعة الإسلامية»، ليطعن كلّ من محمد يحيي وجمال اسماعيل بنيابته أمام المجلس الدستوري الذي دعا إلى إعادة إجراء الانتخابات، فتمكن ضاهر من الاحتفاظ باللوحة الزرقاء نظراً للعطف الذي لاقاه. في العام 2000 سحبت «الجماعة» ترشيح ضاهر الذي رفض القرار وترشح ضمن لائحة ثالثة غير مكتملة وعجز عن الاحتفاظ بموقعه النيابي وعاود الكرة في العام 2005 ضمن لائحة ثالثة أيضاً، ولم يوفق أيضاً، ليعود اليوم إلى البرلمان من تحت «السما الزرقا».
يصر الضاهر على حصر تحالفه بـ«المستقبل» وإن كان لا يرى في طروحات قوى الرابع عشر من آذار ما قد ينفر منه «لأنها تلتزم بالدستور اللبناني بما يضمن عروبة لبنان وسيادته واستقلاله. حتى في مسألة العلاقات اللبنانية ـ السورية فإن قوى الرابع عشر من آذار تلتزم بما ينص عليه اتفاق الطائف لجهة إقامة أفضل العلاقات مع كلّ الدول العربية وبينها سوريا على أن يكون السوريون في سوريا واللبنانيون في لبنان. وفي قضية سلاح المقاومة فإن كل اللبنانيين مقاومون للدفاع عن أرضهم وحماية بلدهم، على أن تكون هذه المقاومة ممثلة لكل اللبنانيين ولا يتم اختزالها بفريق سياسي واحد من لون طائفي أو مذهبي واحد، نحن مع مشاركة اللبنانيين ومن كل الطوائف في عمل المقاومة وبالتالي ضرورة وضع استراتيجية دفاعية موحدة وهي المطروحة على طاولة الحوار للخروج من الاشكالية القائمة حول سلاح المقاومة».
ماذا عن مطلب قوى الرابع عشر من آذار بنزع سلاح المقاومة؟ يجيب ضاهر: «نحن ملتزمون بروحية «المستقبل» ولا أعتقد أن هذا الفريق سيطالب بنزع سلاح المقاومة بشكل مباشر وإنما هو يطالب بوضع هذا السلاح على طاولة الحوار للتفاهم بشأنه ليكون مصدر قوة للبنان ودفاع عنه لا أن يتحول إلى مصدر قلق وخوف لفئات لبنانية واسعة. من هنا لا مكان في الداخل إلا لسلاح الدولة وأي سلاح آخر هو سلاح قد يخرب البلد إلا إذا كان متفقاً عليه ضمن استراتيجية واضحة وتحت سقف القرار السياسي اللبناني، نحن مع الاستفادة من سلاح المقاومة في خدمة لبنان وليس استخدامه في ضرب التوازنات الداخلية وتخويف اللبنانيين».
وفي مقابل هذه النظرة الاعتراضية على سلاح «حزب الله» يعتبر أنه «لا يجوز أن يسعى البعض إلى تخويف «حزب الله» من خلال طرح سلاحه على بساط البحث من باب الإساءة لـ«حزب الله» أو الانتقاص من حقوق ومكاسب هذا الفريق، يجب أن يكون سلاح المقاومة مصدر قوة للبنان منسجماً مع مشروع الدولة على أن يكون قرار السلم والحرب بيد الدولة وسلاح المقاومة تحت إشراف السلطات الرسمية».
ما هو المقصود بالتيارات السلفية؟ إذا كان المقصود تلك التيارات المتدينة التي تعمل ضمن الضوابط الشرعية واحترام القوانين اللبنانية فأعتقد أن كل التيارات السلفية تؤمن بمنطق بناء الدولة والعدالة وتحترم كل العهود المعقودة بين اللبنانيين وترفض المس بالتوازنات اللبنانية القائمة، وهي تعمل تحت الضوء وتتواصل مع كلّ اللبنانيين من خلال الانتخابات، وهي تنشط من خلال جمعيات تربوية وثقافية. وهي بمعظمها جمعيات إسلامية تحترم الغير وتطالب بالغير أن يحترمها والتدين موجود لدى كلّ الطوائف اللبنانية إسلامية ومسيحية. أما إذا كان المقصود بالتيارات السلفية تلك التيارات المتطرفة فأعتقد أيضاً أن كلّ الطوائف الأخرى تضمّ متطرفين، أما بالنسبة للمتشددين فهؤلاء منبوذون ونعتبرهم من خارج الأدبيات الشرعية. فالتيارات السلفية تعيش ضمن الواقع اللبناني وتلتزم بالعيش المشترك، أما ما حصل من أعمال إرهابية، فقد نفذت على أيدي أشخاص وافدين إلى لبنان ومدفوعين من جهات غير لبنانية.
لا نزال غير راضين عن الوثيقة التي وقعت بين «حزب الله» وتيارات سلفية، لأن ما يجمعنا كلبنانيين هو الدستور ولا حاجة لوثائق جديدة تضمن لنا الحماية، ولا يفترض لأي فريق لبناني أن يؤمن الحماية لأي فريق آخر. هذا دور الدولة وليس بعض الأحزاب. أما الحوار مع «حزب الله» فيتولاه رئيس كتلة المستقبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لأنه ووفق منطق نتيجة الانتخابات هو من يمثلنا في هذا الحوار ولا ضرورة بالتالي لنقوم بالحوار وإن كنا لا نمانعه.
ويؤكد ضاهر أن لا عودة بالنسبة لضاهر إلى «الجماعة الإسلامية» وإن كان ثمة تحالف يجمعهما، انتخابي وسياسي، إلا أن العودة إلى التنظيم ليست مطروحة.
أما بالنسبة للعلاقة مع التيارات السلفية البعيدة سياسياً فهي توازي العلاقة مع بقية اللبنانيين فهي طبيعية وقائمة على الاحترام المتبادل، والاعتراف بالتمايز السياسي، اي متفقون على أننا مختلفون.
«جبهة العمل الإسلامي»
دخل النائب عن بعلبك ـ الهرمل كامل الرفاعي إلى «جبهة العمل الإسلامي» من بوابة «كتلة الوفاء للمقاومة» التي كان عضواً فيها، بعد صياغة بيان مشترك يعبّر عن البرنامج الذي يعكس تطلعات هذا الفريق، الذي هو عبارة عن مجموعة شخصيات وجمعيات تلتقي في الرأي حول سلسلة قضايا جوهرية، وهو ليس حزباً يفرض التزاماً تنظيمياً وإنما يلتقي مكوناته تحت سقف البرنامج المشترك.
اختار الرفاعي الانضمام إلى «الجبهة» بعدما لمس أن «قرار الساحة السنية بات مصادراً أو بالحدّ الأدنى مغيّباً وكان لا بدّ من الاتفاق مع جهات ممن يتبعون أو يعتنقون هذا المذهب لصياغة رؤية مشتركة تعيد الساحة السنية إلى موقعها الأساسي. تاريخياً الشارع السني عروبي، ويرى في فلسطين قضيته الأساسية، ولكن بعد أحداث العام 2005 وما تلاها، شعرنا أن هناك انتقالاً من مكانه الطبيعي إلى مكان آخر، غريب عنه، لمست أن الجبهة كفريق يتبع أهل السنة والجماعة ويعمل على إعادة هذا الشارع إلى موقعه الطبيعي، ولهذا اخترت الانضمام إلى الجبهة.
وقفت «جبهة العمل الإسلامي» في أصعب الظروف إلى جانب «حزب الله» بينما كان السواد الأعظم من الشارع السني يتظلل «السما الزرقا»، ورغم ذلك «لم يكن الرفاعي هدية تقدم للجبهة مقابل وقوفها إلى جانب «حزب الله» خلال المرحلة الأخيرة، لأنني خريج الأزهر ومدرّس مادة الأدب الإسلامي لأكثر من 25 سنة في الجامعة اللبنانية واحد المشرفين على جامعة الأزهر في البقاع. ثقافتي أزهرية مبنية على أسس قومية ـ إسلامية، ولا بد لأي مرشح من الطائفة السنية في منطقة بعلبك ـ الهرمل أن ينطلق من خلفية عقائدية إضافة إلى خلفية عائلية. وتتصدر عائلة الرفاعي قبل دخولي البرلمان، منصبي الإفتاء والقضاء الشرعي. ومن هذه الخلفية أيضاً كان الاتفاق بين قيادة «حزب الله» و«الجبهة» على قاسم مشترك يحمل صفات عائلية وعقائدية وثقافية».
ولعل نموذج الرفاعي في تمثيل الشارع الإسلامي متمايز عن غيره من النماذج الإسلامية النيابية، لا سيما في مزجه بين الأفكار القومية وتلك الإسلامية، ولكن بنظره هذا المزج إيجابي، ويشبه منطقة بعلبك ـ الهرمل التي «لم تعرف السلفية والأصولية المتطرفة، وإنما عرفت الالتزام الديني والفكر القومي. وهذا التزاوج بين الفكر القومي والعقدية الدينية هو الذي يميز كامل الرفاعي، «إذ أنني أمثل حالة إسلامية منفتحة يعبر عنها الأزهر المنفتح على الإنسانية جمعاء ومن ثم على الفئات الإسلامية على اختلافها». ويضيف: «من هنا لم تعرف منطقة بعلبك الأفكار السلفية، كما هو متعارف عليها في مناطق سنية أخرى، حتى عندما كان حزب التحرير الإسلامي في عصره الذهبي وكان ينادي يومها بالخلافة الإسلامية، كان أعضاؤه في بعلبك ناصريين إسلاميين، وذلك بسبب طبيعة المنطقة القائمة على مبدأ الاختلاط بين السنة والشيعة من جهة، وبين السنة والمسيحيين من جهة أخرى».
وهذا ما يفسر ارتياح الرفاعي إلى قاعدته السنية لأن «القواعد السنية في بعلبك قاعدة قومية تؤمن أن القضية المركزية هي قضية فلسطين، وقد احتضنت أحياء بعلبك السنية المقاومة الفلسطينية، ولكن للأسف فإن بعض الأخطاء المميتة التي ارتكبها السوريون والأحداث الأليمة التي تراكمت في لبنان منذ العام 2005 والتجييش الذي تولاه الإعلام فضلاً عن المال السياسي، ساهمت جميعها في نقل جزء من الشارع السني من موقعه الطبيعي إلى موقع مغاير، ولكن هذا لا يمنع وجود علاقة شخصية ومودة وتقارب في الفكر والإيمان بيني وبين أغلب الشباب في المنطقة، وعندما أقوم بفروض الصلاة في المساجد أتلمس الهموم المشتركة والأحلام المشتركة بيني وبين هؤلاء الشباب».
ماذا عن الشارع السني خارج بعلبك؟ يقول الرفاعي: «للأسف هناك تفاوت ما بين السنة في بعلبك وأخوانهم في بقية المناطق وذلك نتيجة الممارسات التي حصلت في المرحلة الأخيرة والفتاوى التي صدرت من البعض. إن الشارع السني الذي يؤمن بالفكر القومي يتقبل أفكاري بكل رحابة صدر، أما بالنسبة لأفكار «لبنان أولاً» فهي تختلف عن الأفكار التي نؤمن بها. ونحن هنا نريد أن نسأل: ماذا لو وقع اعتداء على المسجد الأقصى والمسجد النبوي وكان الدفاع عنهما يتعارض مع مصلحة لبنان، ماذا سيكون موقفهم؟ نحن نقف إلى جانب المسجدين على أن تأتي مصلحة لبنان ثانياً وثالثاً... إذا كانت مصلحة لبنان تتعارض مع تهجير الفلسطينيين ماذا نفعل؟ لا نفهم معنى لبنان أولاً، وما أقوله يعبّر عن نبض الشارع السني، وإنما ما قام به الاعلام أوقع الكثير من الشكوك حول الثوابت الإسلامية».
أما بالنسبة للتيارات الإسلامية الأخرى فنفى امكانية اللقاء معها بسبب الخلاف الكبير معها فكرياً وعقائدياً، وعلى سبيل المثال لا موقف واضحاً للجماعة الإسلامية من قضية المقاومة، أحياناً تدعمها وأحياناً أخرى تطالب بتحجيمها، فكيف يمكن الالتقاء معها؟ كما أنها تستخدم أساليب أرفضها كلياً. أنا مع إبداء وجهات النظر واختلافها ولكن ضمن حدود الاحترام المتبادل». ولفت إلى أن الزيارة التي قام بها نجل الداعية الراحل يكن لها خصوصية شخصية لا سيما وأن مبدأ الحوار بين «الجبهة» و«الجماعة» ليس مطروحاً اليوم على جدول أعمال «الجبهة».
وفي اعتقاده أن «نمو التيارات السلفية يرتبط مع تجاوب والتزام هذه التيارات بتطلعات وأحلام قواعدها الشعبية، فإذا التزمت بهذا الخيار تكون الحالة الإسلامية إلى توسع أما إذا دخلت في زواريب السياسة والمحاباة فإنها تتجه نحو الضمور.
ولا ينفي احتماء الكثير من التيارات التي تتخذ الشعارات الإسلامية عنواناً لها، تحت عباءة «تيار المستقبل»، آملاً أن تأخذ بهذا التيار إلى عكس ما هو عليه اليوم، في المقابل يؤكد أن فريقه هو حليف لـ«حزب الله» يتشاور معه ويتحاور معه، يختلفان ويتفقان ضمن الأطر الديموقراطية التي تحمي القضية المركزية، لافتاً إلى أن سياق العلاقة لا يمنع وجود بعض التباينات ولكن الحوار كفيل بإيجاد نقاط مشتركة.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
31 | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 1 | 2 | 3 | 4 |