غزة حاضرة في كل مكان. على حقيبتها التي لا تفارق يدها. على مفكرتها اليومية. على سوارها المُحاك بخيوك من ألوان علم فلسطين. في قلبها وعلى لسانها: غزة قبل الحصار وأثناء الحصار. غزة محط اهتمامها، وهاجسها، كيف يمكنها أن تساهم في فك الحصار عنها؟
هويدا العرّاف شابة فلسطينية من عرب 1948، محامية وأستاذة جامعة القدس. هي زوجة منتج الأفلام الوثائقية، الأميركي اليهودي آدام شابيرو، الذي كرّست حياتها معه من أجل فلسطين، فتحول الاثنان معاً إلى ناشطين يناضلان من أجل القضية.
برز اسم العراف مؤخراً ضمن حركة «غزة الحرة»، التي قادت من خلالها الناشطين، على متن سفن كسر الحصار، وخلال الرحلات الثماني التي قامت بها الحركة. وفي كل مرة كانت العراف تتولى الكلام مع البحرية الإسرائيلية، وتحاول إقناعهم: «نحن في مهمة إنسانية، لسنا مسلحين ونريد دعم شعب غزة المحاصر».
اليوم، تأتي العراف إلى لبنان، للمرة الثانية بعد عدوان تموز 2006. تسعى، خلال زيارتها، إلى خلق أجواء داعمة لحركة «غزة الحرة»، ولجمع التبرعات بهدف إرسال أكثر من سفينة الى غزة، خلال الفترة الممتدة ما بين أيلول وتشرين الأول المقبلين. التقتها «السفير» أمس، وتحدّثت العراف عن الرحلات التي شاركت فيها، منذ تشديد الإسرائيليين الحصار على غزة في العام 2008.
تستهل المناضلة الدؤوب أي حديث عن غزة بابتسامة تفاؤل. الابتسامة التي لم تنجح القوات الإسرائيلية في مسحها، خصوصاً أنها واجهتها أكثر من مرة، خلال اعتصامات أو تظاهرات أقيمت في إحدى أراضي فلسطين المحتلة. وحين نسأل العراف عن مكان إقامتها حالياً تصعب عليها الإجابة. تتنقل بين الولايات المتحدة الأميركية، حيث من المفترض أن تقيم مع زوجها شابيرو، ولارنكا حيث نقطة انطلاق السفن إلى غزة، ووطنها الأم فلسطين المحتلة. ومع ذلك، لا نراها تفصل غزة عن فلسطين. الاثنتان قضية واحدة بالنسبة إليها.
توقفت العراف عن التدريس في جامعة القدس كي تكرّس وقتها كاملاً لحركة «غزة الحرة». تشير إلى أن «غزة الحرة» نجحت في كسر الحصار خمس مرات، بينما واجهتها البحرية الإسرائيلية ثلاث مرات فمنعت عناصر الحركة من دخول غزة. تؤكد أن المبادرات لكسر الحصار، ولو رمزياً، تعطي الفلسطينيين دعماً معنوياً، «خصوصاً أننا دخلنا رغم أنف إسرائيل ولم يتمكن أحد من ردعنا». وما الذي حققته الرحلات الثماني حتى الساعة؟ تقول العراف إن «كل ناشط شارك في الرحلة عاد الى وطنه لينقل الصورة الهمجية التي تحجبها إسرائيل، وما تخرقه من قوانين دولية، وانتهاكاتها بحق الإنسانية». تضيف أن أهمية الرحلات الخمس تكمن في «عودة الناشطين من غزة، ومعهم طلاب ومرضى فلسطينيون يغادرون غزة للمرة الأولى، من دون انتظار إذن من الإسرائيليين».
اليوم، كما تلفت العراف، تستعد «غزة الحرة» إلى استئناف مبادراتها «بكل همتنا». فلن تقتصر الرحلة المقبلة على نقل المساعدات كالعادة، بل ستخصص سفينة للشحن، وسفينتان أخريان لنقل الركاب. وتؤكد العراف أنه يتم العمل حالياً على استقطاب شخصيات معروفة للمشاركة في الرحلة على متن السفينة، ومن بينهم مسؤولون سابقون في الأمم المتحدة، إضافة إلى شخصيات عامة أو مشاهير وإن لم يستقر الخيار على أحد بعينه حتى اللحظة. تضيف العراف: «بما أن إسرائيل تمنع إدخال قصاصة ورق إلى غزة، يقوم أعضاء الحركة بجمع التبرعات والمواد اللازمة، ومنها كتب القراءة، بعدما طالبت جامعات ومدارس غزة بتزويدها ببعض الكتب التي تنقصها».
وكانت قوات العدو قد أوقفت السفينة خلال إحدى رحلاتها وأطلقت عليها النار، الأمر الذي دفعها إلى تحويل طريقها باتجاه لبنان قبل العودة الى لارنكا. من هذا المنطلق، تؤكد العراف أن «إسرائيل لن تخيفنا، ولن تمنعنا من دخول غزة».
محاضرة في «الأميركية»
وكانت العراف قد لبّت، وزوجها آدم شابيرو، دعوة معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، حيث عقدت ندوة تحت عنوان «غزة الحرة: ما تعلمناه من كسر الحصار في مواجهة إسرائيل».
وتحدثت العراف عن انطلاقة فكرة سفينة كسر الحصار، التي بدأت مع الرحلة الأولى على متن قارب للصيد، قبل «انتفاضة السفن» التي تلتها. ولفتت العراف إلى أن إسرائيل لا يحق لها أن تمنع الناشطين من الإبحار إلى غزة عبر المياه الإقليمية، مؤكدة أن القوانين الدولية تضمن هذا الحق، ورغم ذلك «لا يوجد من يحاسبها».
ثم عرض فيلم عن انطلاق السفينة الأولى الى غزة، كما عرض فيلم مصوّر عن توقيف البحرية الإسرائيلية لسفينة «روح الإنسانية»، واعتقال ركابها الناشطين لمدة أسبوع. وتحدثت العراف عن أهداف الرحلات إلى غزة: «نحن لا نذهب إلى غزة لنموت، فلدينا عائلاتنا ووظائفنا، لكن من العار على حكوماتنا أن تبقى صامتة».
بدوره، تحدث شابيرو عن الرحلة التي شارك فيها على متن «روح الإنسانية»، وكيف اعتقلته القوات الإسرائيلية. وكان شابيرو قد أبحر الى غزة مع وفد محامين، للمرة الأولى بعدما غادر فلسطين منذ عشر سنوات: «لم يصدمني الدمار لأني كنت موجوداً في لبنان، خلال حرب تموز، وتعرفت على وحشية إسرائيل. لكن ما صدمني هو أن شيئاً لم يتغير في غزة منذ عشر سنوات وحتى الساعة».
يذكر أن شابيرو هو رئيس «حركة التضامن الدولية» مع الشعب الفلسطيني، وكان قد أنتج وأخرج مؤخراً فيلماً وثائقياً بعنوان «سيرة لاجئ». كما أخرج أفلاماً عديدة عن الأوضاع في العراق وأفغانستان ولبنان ودارفور. ومنع شابيرو من دخول فلسطين المحتلة منذ العام 2002.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
31 | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 1 | 2 | 3 | 4 |