انفجار خربة سلم نتاج حريق بقايا حرب تموز رفض المس بولاية "اليونيفيل" وتغيير قواعد الاشتباك

اكد لبنان التعاون الوثيق والاستراتيجي بين الجيش والقوة الدولية، مشددا على التمسك بتنفيذ القرار 1701. واذ اشار الى ان انفجار خربة سلم عائد الى حريق وان الذخائر والاسلحة فيه من بقايا حرب تموز 2006، اتهم اسرائيل بمحاولة افتعال مشكلات بين لبنان و"اليونيفيل" تغطية لاحتلالها.
نشرت وزارة الخارجية والمغتربين امس الرسالة التي بعثت بها اخيرا الى الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون ورئيس مجلس الامن الدولي لهذا الشهر، حول الحوادث الاخيرة في الجنوب بعد ايام قليلة من حصولها. وسلمتها الى نائبة المندوب الدائم للبنان في الامم المتحدة كارولين زيادة، وهذا نصها:
"في تاريخ 14/7/2009 وقع انفجار في بلدة خربة سلم جنوب لبنان تألفت على اثره لجنة تحقيق مشتركة من الجيش اللبناني وضباط من اليونيفيل. تقوم اللجنة بعملها جنبا الى جنب مع ضباط من الجيش اللبناني واليونيفيل موجودين بصورة شبه دائمة في مكان الانفجار. وتجري حراسة المكان بشكل مشترك بعد عزله تماما ووضع مراقبة دائمة له.
بدأ التحقيق اعتبارا من اليوم الثاني بسبب خطورة التقدم من مكان الانفجار في اليوم الاول، وذلك بالاستناد الى رأي خبراء المتفجرات في الجيش اللبناني واليونيفيل. وبقي الجيش اللبناني داخل المكان في اليوم التالي، على رغم خطورة الوجود فيه، مما ادى الى اصابة عنصر من الجيش اللبناني في المحيط القريب للمبنى من جراء انفجار لاحق، وهو ما يدحض الاتهامات الاسرائيلية الكاذبة عن تعمد الجيش تأخير بدء انتشار اليونيفيل في مكان الانفجار وبدء التحقيق.
بعد التحقيق، تبين لضباط الجيش اللبناني في اللجنة ان المبنى الذي وقع فيه الانفجار كان يحتوي على كمية من الذخائر المتنوعة وبعض الاسلحة المختلفة، وان سبب الانفجار حريق شب في المبنى غير المكتمل البناء وغير السكني. واستنتج من ذلك ان هذه الذخائر والاسلحة هي من بقايا حرب تموز 2006 للأسباب الآتية:
- وجود ذخيرة دبابات من عيار 100 ملليمتر خاصة بالدبابات الاسرائيلية، اذ تحمل كتابة عبرية عليها.
- كل الاسلحة والذخائر المتبقية في المكان هي من الانواع التي استعملت في حرب تموز 2006.
- وجود ذخيرة مدافع من عيار 130 ملليمترا غير متوافرة لدى المقاومة، بل هي من الذخائر التي استخدمتها ميليشيا لحد العميلة لاسرائيل قبل التحرير عام 2000.
وبما ان الجيش اللبناني واليونيفيل يقومان حاليا بالتحقيق في الانفجار وبتعاون وثيق بينهما، فان استباق نتائج التحقيق وتوجيه الاتهام من اسرائيل بتهريب الاسلحة الى داخل منطقة عمليات اليونيفيل جنوب نهر الليطاني، هو مجرد ادعاءات كاذبة وتدخل سافر في مسار التحقيق للتأثير على نتائجه، علما ان الامين العام للامم المتحدة كان قد اشار في الفقرة 28 من تقريره العاشر الصادر في تاريخ 29 حزيران 2009 حول تنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 1701 الى ان اليونيفيل، وحتى تاريخه لم تزود، كما لم تجد، ادلة حول بنى عسكرية جديدة او تهريب سلاح الى داخل منطقة عملياتها.
كما اشار الامين العام في الفقرة 49 من التقرير المذكور الى ان الحكومة اللبنانية واجهزتها لم تبلغ عن اي حوادث تهريب سلاح الى داخل لبنان، في حين ان اسرائيل تطلق الادعاءات حول خرق حظر تهريب السلاح، في الوقت الذي لا تستطيع فيه الامم المتحدة تأكيد هذه الادعاءات الاسرائيلية بشكل مستقل، اضافة الى ان الامين العام اشار في الفقرة 66 من التقرير نفسه الى ان اليونيفيل لم تجد دليلا على تهريب السلاح الى داخل منطقة عملياتها. ان ادعاء اسرائيل قيام حزب الله بوضع اسلحة قرب المدنيين يعرضهم للخطر، يقصد منه تبرير قيام اسرائيل مستقبلا باستهداف هؤلاء المدنيين اللبنانيين بشكل متعمد، وهو ما سبق ان افصحت عنه اسرائيل تكرارا خلال الاجتماعات الثلاثية في الناقورة، مما يشكل مخالفة صارخة للقانون الدولي، القانون الانساني الدولي، حقوق الانسان، ومعاهدة جنيف الرابعة.
في تاريخ 19/7/2009 وردت معلومات من قيادة اليونيفيل الى الجيش اللبناني عن احتمال نقل ذخيرة من مكان الانفجار الى مكان آخر في بلدة خربة سلم. فطلب الجيش اللبناني احداثيات المكان المشار اليه، حيث توجه بعدها الى الموقع المحدد، وهو عبارة عن ثلاثة منازل قيد الانشاء ومنزل مسكون. فتشت عناصر من الجيش اللبناني الاماكن المذكورة وتم التأكد من خلوها من اي ممنوعات. وبعد ذلك، ووفق التعليمات المتبعة استدعيت قوات اليونيفيل للاطلاع على نتيجة التفتيش ولدخول الاماكن المشار اليها بمواكبة الجيش اللبناني. حضرت دوريتان من القوة الدولية الى المكان المذكور، كما حضرت دوريات اخرى من اليونيفيل الى اماكن متعددة من القرية.
ونتيجة لخلل في التنسيق، حاولت وحدة من اليونيفيل الموجودة في الموقع دخول احد المنازل دون مواكبة من الجيش اللبناني، فحصل صراخ من نساء وفتيات لوقع المفاجأة، قام على اثره بعض الصبية برمي الحجارة على القوة، مما ادى الى جرح عنصر من اليونيفيل، وتفاقم الوضع على الاثر بين القوة الدولية والاهالي الذين قاموا برشق عناصرها بالحجارة فأصيب البعض منهم.
تحاول اسرائيل دوما افتعال المشاكل بين لبنان واليونيفيل تغطية لاحتلالها المستمر لاراض لبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وشمال بلدة الغجر، ولانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية جوا وبحرا وبرا، خرقا لقرارات مجلس الامن ذات الصلة ولا سيما منها القرار 1701 (2006).
كما تأتي المحاولات الاسرائيلية الفاشلة لافتعال المشاكل بين لبنان واليونيفيل لتغطية شبكاتها التجسسية المزروعة في كل الاراضي اللبنانية، والتي كان لبنان قد اعلم الامم المتحدة بشأن الجزء المكتشف منها في رسالة وجهها في تاريخ 20/5/2009. وتهدف هذه الشبكات الى زعزعة استقرار لبنان وتهديد امنه، اضافة الى تهديد الامن والاستقرار في المنطقة. وكان الامين العام للأمم المتحدة في الفقرة 20 من تقريره التاسع الاخير الصادر في تاريخ 24/4/2009 حول تنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 1559 (2004)، اعتبر ان نشاطات التجسس الاسرائيلية تشكل خرقا لسيادة لبنان. كما عبر عن قلقه في الفقرة 71 من تقريره الاخير حول تنفيذ القرار 1701 (2006) ازاء خلايا التجسس الاسرائيلية العاملة في لبنان التي في حال ثبوتها، على حد قوله، قد تهدد الوقف الهش للعمليات العدائية القائم بين لبنان واسرائيل.
وتأتي المحاولات الاسرائيلية الفاشلة ايضا لتغطي الخرق الاسرائيلي الميداني الاخير للسيادة اللبنانية في تاريخ 17/6/2009 عبر استحداث ساتر ترابي وبرج مراقبة من الاسمنت المسلح بمحاذاة بوابة حسن في خراج بلدة كفرشوبا، والذي كان لبنان قد اعلم الامم المتحدة بشأنه في رسالة وجهها في تاريخ 29/6/2009. ويتجاوز الخرق الاسرائيلي الاخير السياج التقني الاسرائيلي بمسافة عشرة امتار في منطقة هي من المواقع التي تحفظ عنها لبنان عام 2000 اثناء تحقق الامم المتحدة من انسحاب اسرائيل.
وتهدف اسرائيل من استحداث هذا الخرق خارج السياج التقني، الى خلق امر واقع جديد في مواقع تحفظ عنها لبنان، وذلك لقضم الاراضي اللبنانية تدريجا كما فعلت سابقا في احتلالها التدريجي لمزارع شبعا اللبنانية. وقد استفز الخرق الاسرائيلي المستحدث عددا من المواطنين اللبنانيين وتحديدا مالكي الاراضي التي وضع عليها الخرق، مما دفعهم في تاريخ 17/7/2009 الى التوجه نحوه ورفع العلم اللبناني فوقه. ويطلب لبنان الازالة الكاملة للخرق الاسرائيلي المستحدث في خراج بلدة كفرشوبا وعودة الوضع الى ما كان عليه سابقا، على ان تقوم اليونيفيل بدور اساسي في هذا الاطار ولمنع تكرار مثل هذه الخروق مستقبلا.
كما ان هذه المحاولات الاسرائيلية الفاشلة هي للتغطية على الورود المتأخر للمعلومات التي قدمتها حول مواقع اطلاق القنابل العنقودية، وبعد سقوط عشرات الضحايا المدنيين اللبنانيين. وكانت الحكومة اللبنانية قد ابلغت الامم المتحدة ان دقة هذه المعلومات غير مؤكدة وخصوصا ان 37 موقعا ملوثة بالقنابل العنقودية ليست واردة فيها. اضافة الى ان الجيش اللبناني كان قد طلب معلومات محددة حول اطلاق القنابل العنقودية لم تقدمها اسرائيل حتى الآن.
يؤكد لبنان التعاون الوثيق العملاني والاستراتيجي بين الجيش اللبناني واليونيفيل، وفي هذا الاطار، يشير الى ان هذا التعاون قد عزز اخيرا من خلال الدوريات المشتركة مع اليونيفيل في منطقة عملياتها، علما انه لم يتبين وجود اي اسلحة جديدة في منطقة عمليات اليونيفيل حتى تاريخه، اما الاسلحة التي عثر عليها فهي من بقايا حرب اسرائيل على لبنان عام 2006.
يعيد لبنان تأكيد تمسكه بتنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 1701 (2006)، وهو كان لهذه الغاية قد وجه رسالة الى الامين العام للامم المتحدة في تاريخ 4/7/2009، طالبا تمديد ولاية اليونيفيل مدة سنة اضافية دون اي تغيير في الولاية. ويرفض لبنان مجددا اي مس بولاية قوة اليونيفيل كما حددتها القرارات ذات الصلة دعما للجيش اللبناني، و/أو تغيير مفهوم العمليات وقواعد الاشتباك، والترتيبات المتبعة في التعاون الوثيق القائم بين الجيش اللبناني واليونيفيل. كما يؤكد تقديره لليونيفيل وعملها في الجنوب ومساهمتها في المحافظة على الامن والاستقرار في منطقة عملياتها".
وطلب لبنان اعتبار هذه الرسالة وثيقة رسمية من وثائق الجمعية العامة ومجلس الامن الدولي.