يحاول بعض الشباب ابتكار أفكار جديدة لدخول سوق العمل بفرص إضافية لإيجاد موطئ قدم لهم وسط العرض الكبير المتوافر داخله. بعض الأفكار مثير للانتباه، ويعد بالنجاح، مثل فكرة مجموعة من الفتيات اللواتي استثمرن خبرات محيطهن، وأضفن عليها نوعاً من التنظيم والمهنية، وأخرجنها للعلن في شكل لافت. وقد يكون عليهن الانتظار لبعض الوقت حتى يعترف محيطهن بقيمة الخدمة المعروضة بمحلهن، أما في المرحلة الراهنة، فهن مشغولات بآخر الترتيبات.
بقي للمجموعة أن تتفق على الديكور، وكيفية تعليق لافتة على باب محلهن التجاري الجديد. قفزت أصابع ضحى على حروف اللافتة حرفاً حرفاً، ثم عادت بها إلى بداية العبارة تقرأها فاصلة بين كلمة وأخرى: «القديم لا تفرط فيه»، وكأنها تجرب وقعها على السمع بطرق مختلفة، أو تعتاد عليها. عبارة مألوفة ذات مغزى لا تخفى حكمتها على المغاربة، ولكنها قد لا تكون صالحة كاسم لمحل تجاري. دافعت ضحى بحماسة عن خيارها وصديقاتها، وقالت إن المحل حينما سيفتح أبوابه سيفهم الناس أنه جدير بحمل قولهم المأثور الذي تبدأ بـ«الجديد له جدته»، كتسليم بجاذبية الأشياء المستجدة في الحياة، لأجل التذكير بأنه لا ينبغي التفريط في ما بات قديماً.
ستعمل ضحى ورجاء وشيماء على الأشياء القديمة التي يفكر الناس في الاستغناء عنها بركنها في أماكن هامشية من بيوتهم، أو بالتخلص منها تماماً. ضحى رسامة هاوية، ورجاء خياطة، وشيماء مصممة ديكور داخلي، اجتمعن على استعادة رونق الأثاث القديم لإعادته إلى موقعه في البيت. وستعتمد الشابات الثلاث على أسرهن لاستكمال الخبرات الأخرى التي قد يحتاجها نشاطهن. والد إحداهن يملك محلا للنجارة، وأخ الأخرى يعمل في تغليف المفروشات، وقريبة الثالثة تعمل بالتطريز وتلوين الزجاج. فكرة هذا المشروع جاءت من اطلاعهن على تجارب مماثلة في بلدان غربية، روادها شباب يبحثون عن طرق مبتكرة لكسب العيش من دون الانفصال تماماً عن هواياتهم وعن الأعمال التي يحبون ممارستها في حياتهم المهنية. أخرجت رجاء من خزانة بالمحل قطعة قماش سميكة من عدة أمتار يبدو من طولها أنها غطاء لكنبة مغربية تقليدية.
إنها القطعة الوحيدة المتبقية من كساء صالة تعاني جدرانها من الرطوبة الشديدة. «هذه القطعة الجميلة أصبحت عديمة الفائدة، وفي الغالب كانت أمي ستحمي بها أثاثاً آخر من الغبار، ولكنها ستستعيد قريباً مكانتها في قلب هذا المحل»، تقول رجاء. تلتقط شيماء الحديث في اللحظة التي بدا لها أن دورها حان لتوضح كيف سيتم ذلك. أبوها تكفل بتصليح كرسـيين تكسرت بعض قوائمهما، وأخ ضحى سيغلفهما بالقماش، أما رجاء فستخيط لهما مخدات صغيرة بقماش جديد مغاير الألوان، كي تزيد جاذبيتهما. هناك أيضاً بعض الدمى المصنوعة من القماش الممزق والباهت. رجاء ستعـتني بخـياطـة أزيـاء جديدة لها من بقايا ألبسـة وسـتائر قـديمة، وضحى ستمر بريشتها على وجوهها لتمنحها طلعة جديدة.
المهمات واضحة ومتكاملة بين الشريكات الثلاث ومساعديهن، ولكن مهمة شيماء صعبة نوعاً ما، فخدماتها تحتاج إلى ميدان عمل حقيقي، ربما في الوقت الحالي تستطيع أن تفيد زميلاتها بأفكارها بانتظار إقبال الزبائن على المحل، وتكتفي بإبراز مواهبها في تصميم ديكور فريد للمحل، وديكور محل آخر لصديق ينوي هو الآخر عرض خدمة جديدة تتلخص في ترميم الذكريات بواسطة التقنيات الحديثة للتحكم في الصورة. فكرة يونس الشاب المهووس بالإعلام والتصوير الفوتوغرافي تختلف عن الخدمات المشابهة التي تقدمها استديوات التصوير عبر صناعة «ذكريات جديدة» تحمل توقيعه بحسب ما يتوفر لدى الزبون من صور وفيديو وتفاصيل قصة الذكرى التي يريد بناءها.
ويتزايد بحث الشباب عن الأفكار الجديدة التي تتيح لهم التميز في سوق العمل، وتفتح أمامهم آفاق التطور والنجاح، مستفيدين من وسائل الاتصال الحديثة التي تعرض عليهم تجارب الآخرين وتسمح لهم بالتواصل معهم والاستفادة منهم.