بين المجلس والجمعية.. انفرط عقد المؤلفين والملحنين في لبنان

م ع
منذ أسابيع، أعلن مجلس المؤلفين والملحنين عن انتخاب هيئته الإدارية برئاسة الشاعر هنري زغيب، أما أمس الأول، فقد أعلن المجلس خلال احتفال خاص عن انطلاقة أعماله لحماية حقوق أعضائه وتعزيزها. إلا ان الحدث، الذي احتفى به المجلس كونه يضمن جباية حقوق المؤلفين والملحنين من المستثمرين سواء أكان المستثمر فندقاً أم مطعماً أم إذاعة أم تلفزيوناً أم غيرها عبر التعاون مع «ساسيم» الفرنسية، كشف خلافاً عميقاً في الجسم الفني في لبنان، ظاهره صراع على كيفية الجباية وتوزيع مبالغها أما باطنه فلا يخلو من تنازع على السلطة ويعكس ربما اختلاف الميول السياسية للفريقين.
يحتفي المجلس إذاً بانطلاقة عمله ومهامه المتنوعة (أنظر «صوت وصورة» في 29 حزيران المنصرم)، بينما ترى جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى برئاسة الفنان عبدو منذر أن الطريق التي يسلكها المجلس هي تشتيت للجسم الفني، وحتى حقوق الفنانين اللبنانيين. إذ أكد منذر، الذي خاض مؤخراً معركة الانتخابات النيابية ضمن لائحة الجنرال ميشال عون، في أكثر من حديث له كان أولها ضمن برنامج «خارج القيد» مع الزميل سالم زهران أن مندوبية «ساسيم» عندما تقوم بجباية حقوق المؤلفين والملحنين في لبنان تقتطع جزءاً كبيراً من المبالغ والحقوق على شكل ضرائب في لبنان ثم فرنسا و«لا يصل بالتالي إلى المؤلفين والملحنين سوى ما يقارب 30 بالمئة من حقوقهم بعد اقتطاع «ساسيم» فرنسا الكثير من الضرائب»، معتبراً ان «ساسيم» هي التي أوجدت المجلس وان قيام الجمعية التي يرأسها بالجباية مستقبلاً إنما هي الطريق الوحيدة لضمان حقوق الفنانين اللبنانيين. علماً أن منذر كان قد دعا أكثر من مرة أعضاء المجلس ورئيسه إلى العودة عن قرارهم والانضواء تحت لواء الجمعية كمظلة موحدة للفنانين، من دون ان ينكر فضل الشركة الفرنسية على الفنانين اللبنانيين، «خصوصاً انها تتولى المهمة هذه في لبنان منذ أربعين عاماً، يوم أهمل الجميع المؤلفين والملحنين بسبب ظروف الحرب». وفي اتصال مع «السفير» اعتبر منذر أن الحل يكمن في صيغة «لا تغبن حقوق «ساسيم» ولا تظلم الفنان اللبناني وتقوم على جباية الجمعية لحقوق المؤلفين والملحنين اللبنانيين والأجانب في لبنان بينما تتولى «ساسيم» جباية حقوقهم في الخارج».
ومن الواضح ان كلمة زغيب في الاحتفال، أمس الأول، تضمّنت جملة ردود على منذر الذي ينادي برفع «الوصاية» الفرنسية عن الجباية في لبنان، إذ تحدث عن وجود «فريقين غير متوازيين: فريق أقلي ضئيل يريد الانفصال عن «ساسيم» فرنسا، وجميع الأعضاء الآخرين يريدون الإبقاء على العلاقة مع «ساسيم» فرنسا، نظراً للآلية الضخمة الموجودة لديها في رصد بث الأعمال، ونظراً إلى وعي هؤلاء الأعضاء إلى أن ما تقتطعه «ساسيم» فرنسا من حقوقهم ليس سوى 33 في المئة، وأحياناً أقل قليلاً أو أكثر قليلاً، وأن نسبة 33 في المئة المتبقية ستعاد إلى كل لبناني مسجل في وزارة المالية ويدفع ضريبة دخله للدولة اللبنانية، ما يجعل نسبة «ساسيم» فرنسا من المصاريف التشغيلية لمكتبها في لبنان لا تتعدى 30 في المئة، وهي نسبة إدارية مشروعة لكل هيئة تتولى تحصيل الحقوق».
في حديثه مع «السفير» رفض منذر مقولة «الأقلية الضئيلة»، معتبراً ان عدد أعضاء الجمعية يبلغ 440 شخصاً بينما لا يزال المجلس يوزع استمارات للانتساب، «ثم ان الأمر ليس بالعدد، لأن لكل انسان قيمة وله الحق بتحصيل حقوقه حتى لو كان وحيداًً».
من جهة أخرى كان لافتاً في كلمة زغيب التركيز على الشق القانوني الخاص بالمجلس وطرق الجباية: «.. لم تعد الجباية مسموحة إلا للهيئة التي تتمم دفتر شروط دقيقاً مفصلاً وواضحاً تعطى على أساسه إفادة «ممارسة الإدارة الجماعية»، وهذا ما عمل عليه وكيل «ساسيم» في لبنان المحامي سمير تابت. ولدى إتمام كل الشروط المطلوبة قانوناً، صدرت الإفادة الرسمية من وزارة الثقافة التي تخول «ساسيم» في فرنسا ممارسة الإدارة الجماعية لحقوق المؤلفين والملحنين في لبنان، في ما يتعلق حصراً بالأداء العلني والطبع الميكانيكي لأعمالهم الموسيقية.. وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 60 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 75». علماً أن جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى تعمل أيضاً على إتمام دفتر الشروط كي تتمكّن من الجباية.
أمام هذا الواقع هل أصبحنا أمام فريقي 8 و14 حتى في الفن؟ يجيب منذر: «لسنا في هذا الصدد، لكن نعم هناك ضغوط لا تخرج عن هذا الإطار، تُمارس بهدف منع الجمعية من نيلها رخصة في هذا الإطار: «وعدنا وزير الثقافة بإعطائنا الإفادة فور انتهائنا من دفتر الشروط، لكن من الواضح ان ضغوطاً كبيرة تمارس عليه حتى من جهات فرنسية نافذة/ وهناك تأخير في الموضوع، لكنه يسير على قدم وساق». ولفت منذر إلى «عرقلة أخرى لمسناها أيضاً في وزارة الداخلية، ولولا تدخل الوزير بارود مشكوراً لكانت الإفادة بشرعية انتخابي رئيساً للهيئة شهر آذار المنصرم بقيت في الأدراج بعدما حاول البعض القول ان غياب مندوب لوزارة الداخلية أثناء الاقتراع يبطل عملية التصويت، وهو ما لا صحة له بموجب تعميم من وزارة الداخلية نفسها».