ما هي كلفة الثلث المعطّل في الحكومة العتيدة ؟ وزير المال: مليارا دولار في الكهرباء وحدها

كتب بيار عطاالله:
نظرياً، يبدو الثلث المعطل او الضامن سهلاً ومطلوباً بإلحاح من المعارضة ومن يواليها، لكن احداً لم يكلف نفسه عناء البحث في الكلفة الحقيقية لهذا الثلث المعطل الذي ستكون كلفته الباهظة على المواطنين ان نجح في ارضاء المعارضين سياسياً، خصوصاً عندما يعلم دافع الضرائب ان هذه الكلفة في قطاع الكهرباء مثلاً تراوح بين مليار ونصف ومليارين دولار بمعزل عن الخسائر التي تترتب على ارتفاع كلفة الكهرباء وانقطاعها وكل ما يتصل بهذا الامر لترتفع كلفة الثلث المعطل الى ارقام خيالية في سنة واحدة.
يقول وزير المال في الحكومة المستقيلة محمد شطح لـ"النهار"، ان على المرء ان يجيب عن سؤال كبير قبل الاجابة عن الكلفة المترتبة على الثلث المعطل او الضامن، ويتصل بمدى التناقض واللامنطق في الجمع بين المعارضة والاكثرية في حكومة واحدة ومدى تأثير ذلك في سلامة النظام الديموقراطي وانتظام آلية العمل فيه. ويذكّر بأن الاحتشاد في حكومة شاملة تضم الجميع يعني عملانياً تعطيل المعارضة واسقاط كل آليات المحاسبة بين حكومة اكثرية تعمل واقلية تعارض وتطرح ملاحظاتها واعتراضاتها واحتجاجاتها وتعد تصوراً مغايراً. وفي رأيه ايضاً ان حكومات الوحدة الوطنية هي استثناء تمليه ظروف معينة في الانظمة الديموقراطية، لكن ذلك لا يعني ان تصبح حكومة الوحدة هي الاساس وتلغي كل اشكال المعارضة.
وبالانتقال من الحيز النظري الى التطبيق العملي وكلفة الثلث المعطل على المواطن يختصر الوزير شطح المسألة بعنوان واحد: "الثلث المعطل يعني تعطيل الادارات العامة ومصالح اللبنانيين". ويستحضر ما جرى في الحكومة الحالية التي يسهب بعض الوزراء المعارضين في تعداد انجازاتها ليقول، ان "الاكثرية لم تستطع تنفيذ اي شيء، لأن المعارضين كانوا جاهزين للتصدي لها ومنعها عن ذلك سواء اكان الامر مشروعاً ام اصلاحاً ام لتمويل مشروع". ويشير الى "قرارات ومشاريع كان يمكن اتخاذها لمصلحة المواطنين، لكن الوزراء المعنيين لم يقدموا عليها بعدما شعروا بمدى حراجة الموقف في الحكومة وعدم التجانس السياسي بين مكوناتها وعدم القدرة على إمرار أي مشروع".
ويعدد الخسائر الناجمة عن الثلث المعطل مستهلاً بوظائف الفئة الاولى، ومعتبراً ان "الدولة هي مؤسسات وادارات عامة عليها ان تتولى ادارة شؤون الناس بشرط ان يتوافر الاشخاص المؤهلون لتولي هذه المهمات"، ويشير الى ان المديرين العامين والمحافظين ورؤساء المجالس والقطاعات المهمة يفترض بهم ادارة القطاع العام "لكن مواقعهم تشغر نتيجة عدم الاتفاق على تعيين موظفين اصيلين فيها، مع استثناء وحيد في تعيين قائد الجيش واعضاء المجلس الدستوري. وفي ظل هذا الفراغ يمكن الحديث عن خسائر غير محددة الحجم في مختلف المرافق".
ويعتبر أن من اهم العوامل التي تسببت بخسائر للوضع اللبناني برمته نتيجة لسياسة الاقلية المعطلة هو عدم اقرار الموازنة لأسابيع طويلة الى ان استطاع الرئيس ميشال إمرارها في الوقت الضائع بعد الانتخابات وقبل تشكيل الحكومة. وثمة خسارة ثالثة نجمت عن الثلث المعطل في قطاع الكهرباء الذي كان مجرد طرح موضوعه في مجلس الوزراء يؤدي الى خلافات، وهذا ما كان ليحصل في حكومة تتمتع بالتجانس بين مكوناتها.
لكن العنوان الابرز للخسائر التي تسبب بها الثلث المعطل او كان ضحيتها هو "باريس 3" الذي يشمل اموراً كثيرة، منها الكهرباء وعملية تحرير قطاع الاتصالات، الذي اجتمعت الظروف الاقتصادية في العالم لمنع تخصيصه. وفي رأيه ان عملية الاصلاح في هذا القطاع كانت محدودة بسبب أوضاع الاسواق المالية اضافة الى الفصام بين وزارة الاتصالات ورئاسة الوزراء. ويقول ان "باريس 3" تضمن عملية اصلاحية واسعة لم نشهد الا النذر اليسير منها، وذلك بسبب من الثلث المعطل وعدم دفع الوزارات في اتجاه العمل وتفشي ظاهرة المسؤولية بالتكليف، ملاحظاً ان المعارضة تتحدث عن "باريس 3" كأنها منزلة من طرف اجنبي ويتناسون ان الحكومة اللبنانية عليها مواجهة هذا التحدي بدءاً من موضوع المهجرين الى اعمار الجنوب وغيرها.
ويشير شطح الى اكلاف هائلة تترتب على المكلف اللبناني سنوياً وكلما تأخر عن معالجة موضوع الكهرباء، ويقول: "نتحدث عن مبلغ يراوح بين مليار ونصف وملياري دولار اميركي سنوياً في حال التأخير في التعامل مع هذا الملف الاساسي للاقتصاد والبلاد".
يعتبر وزير المال ان "الخلاف في الرأي داخل اي حكومة ديموقراطية ينتهي بالتوصل الى حل الا في لبنان. وحكومة الثلث المعطل لم تستطع التوصل الى حل ابداً بسبب التعارض بين اعضائها والانقسام غير المبرر في حكومة اريد لها ان تكون حكومة الارادة الجامعة لمنع الاحتكام الى الشارع وترسيخ السلم الاهلي، لكن الامر تحول إحباطاً لعمل السلطة التنفيذية برمتها"، ويقول ان "حكومة كهذه هي وصفة للعجز الوطني. والثلث المعطل ثمنه خسائر، وعدم المبادرة الى الاصلاح، ستكون له تأثيرات قاسية وسيترجم كلفة باهظة يتحملها كل مواطن. واذا احتسبنا كل الأكلاف فستكون كبيرة جداً، وكل شيء له ثمنه، وكذلك تشكيل حكومة فاعلة ومتجانسة