حايك لـ "الشرق": الكلام عن خصخصة الكهرباء تهويلي ومسيّس ويجب تحرير الإتصالات بالكامل وتعيين مجلس إدارة "ليبان تيليكوم"

الخصخصة مجدية أو غير مجدية؟ سؤال تطلب الكثير من الوقت ليتم إيجاد الجواب عليه ولم ينته هذا الوقت بعد! خبراء اقتصاديون وسياسيون أعطوا رأيهم فيها ولكن مختبراتنا اللبنانية لم تتأكد بعد مما إذا كانت فيروسا أو دواء! لماذا هذا الموضوع وما حقيقة الاعتراضات؟ وكيف نضمن أن نحصل على تجربة ناجحة في الخصخصة المطروحة بالكامل في قطاع الاتصالات وجزئيا في قطاع الكهرباء؟ متى ينتهي الجدل وتتخذ قرارات فاعلة تفيد الاقتصاد اللبناني وتحركه؟ ويبدو أن الجواب لن يأتي سريعا، على الأقل ليس قبل أن تشكل الحكومة وتضع بيانها الوزاري وتحصل على الثقة وتبدأ عملها... لكن أسئلتنا عن الملف طرحناها على الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخة زياد حايك، الذي أكد ضرورة تحرير قطاع الاتصالات بالكامل وتعيين مجلس إدارة "ليبان تيليكوم"، والشروع في عملية التشركة في قطاع الكهرباء وليس الخصخصة كما يصور البعض.

وهنا نص الحوار الذي اجرته "الشرق" معه قبل نشره تقريرا في 16 الحالي عن مستجدات خطة إصلاح الكهرباء بحسب قانون تنظيم القطاع الرقم 462/2002.

< الاعتراضات على الخصخصة

> منذ طرح موضوع الخصخصة الى اليوم سمعنا ونسمع اعتراضات عليها، هل ترى أن هذه الآراء هي مجرد وجهة نظر مختلفة أم أنها تأتي من خلفية سياسية، أم أنها تأتي من عدم إدراك كلي للموضوع؟

- بالطبع تأتي من خلفية سياسية وفي أحسن الأحوال من عدم إدراك. لأن من يدرس الموضوع بتجرد يصل الى النتيجة نفسها أن الخصخصة هي لصالح المجتمع اللبناني ولصالح الاقتصاد اللبناني. هذا الأمر وجهة نظر موضوعية، فهناك بعض وسائل الاعلام التي لا تتبنى الخصخصة كعقيدة لكنها عندما تبث تحليلا تكون نتيجته أن الخصخصة هي لصالح الاقتصاد. والسبب يعود الى أن الدولة لم تكن تحتكر قطاعات عدة كما في دول أخرى ونريد نقلها الى القطاع الخاص، بل لدينا قطاعان أساسيان من المهم خصخصتهما وهما الاتصالات والكهرباء. والقطاع الوحيد المهيأ للخصخة بالمفهوم التقليدي هو قطاع الاتصالات. فكيف يمكن أحدا القول أن أداء الدولة في هذين القطاعين جيد؟ وكيف يمكن أحدا القول أن الطريقة الفضلى لتحسينهما هي المزيد من تدخل الدولة والمزيد من احتكار الدولة لهما؟

< الخوف من القطاع الخاص

> على الرغم من أن أداء الدولة ليس جيدا فيهما لكن في المقابل هناك خوف أحيانا من القطاع الخاص متأت ربما من خلفية أن هذا القطاع يلجأ الى الاحتكار...

- هناك فكرة تأتي من خلفية تقول بأن الخصخصة مسيسة وهناك أطراف سياسيون يتلاعبون بعقول الناس لتخويفهم منها بالقول أنه احتكار للقطاع الخاص لكننا نعيش في بلد يؤمن القطاع الخاص كل ما فيه عدا أمور قليلة. فلماذا لا نخاف من القطاع الخاص عندما نتحدث عن أي سلعة أخرى أو خدمة؟ القطاع الخاص يؤمن خدمات مصرفية مثلا وتربوية وصحية... كل هذه قطاعات هي عامة في دول أخرى، أما في لبنان فالقطاع الخاص هو الذي يؤمنها فلماذا لا نتخوف منه في هذه القطاعات أما في مجال الاتصالات فنتخوف منه؟

إذا ما درسنا الملف بموضوعية لوجدنا أن الموضوع لا يتعلق بالانتقال من احتكار الى آخر، إذ ان كل انتقال يسبقه إنشاء هيئة منظمة للقطاع والقانون يفرض زيادة لرقابة الدولة على القطاع وتنظيمه ويسحبه من الوضع السياسي الموجود فيه اليوم، فأي وزير في قطاع من هذين القطاعين يفرض رأيه وتوجهه السياسيين على القطاع. فلماذا يجب أن يكون قطاع الاتصالات مسيسا؟

< الهيئة المنظمة هل كما تريد؟

> لكن هل تعمل الهيئة المنظمة للاتصالات كما تريد، أو هل يأخذون بما تقوله أو تصدره من تقارير أو توصيات؟

- لا يدعونها تعمل كما تريد والسبب هو أنها تقلص من صلاحيات الوزير وسلطته. في كل مرة يأتي وزير الى هذه الوزارة، يكون مع الخصخصة قبل توزيره ويصبح ضدها بعد ذلك لأنه يرى أنها تقلص من صلاحيات وزارته وتعطيها الى آخرين.

الخصخصة هي أداة إصلاح لتحرير القطاعات بمعنى إدخال المنافسة وليس بمعنى الاحتكار. مبدأ الخصخصة هو تحرير القطاع وليس احتكارا يمارسه القطاع الخاص. لم يحصل احتكار من القطاع الخاص إلا في مسألة الـ" BOT" لشركتي الخلوي الأمر الذي كان له تأثير سلبي على نظرة المجتمع اللبناني للخصخصة حين رأى المواطن أن هذه الشركات لم يكن أداؤها يعجبه. وذلك حصل لأنها كانت فعلا احتكارا للقطاع العام. لم يكن قطاع الاتصالات الى اليوم سوى احتكار للقطاع العام حتى عندما كانت لدينا شركتان بعقد "BOT" كانت هاتان الشركتان تخضعان لشروط من الدولة اللبنانية إن في التعرفة أو عدد الخطوط أو في أمور أخرى... لم نشهد بعد مرحلة تحرر لقطاع الاتصالات ومرحلة تنافسية لكي نحكم على موضوع الخصخصة. ما يسوقه بعض السياسيين بأن الـ "BOT" كانت مرحلة خصخصة فهذا أمر خاطىء لم تكن كذلك.

< الاخطاء في التطبيق

> ألم تكن الفكرة هي خصخصة لكن في التطبيق كانت الأخطاء؟

-صحيح، إذ عندما نتحدث عن الخصخصة نعني بها تحرير القطاع مع احتفاظ الدولة بدور الرقابة والتنظيم. الدولة لا تفرض على الشركات كيف تدير أعمالها وما التعرفة التي ستضعها أو عدد المشتركين. فالفكرة هي لتحرير القطاع. في عهد الـ "BOT" كانت الدولة منظمة لكن من دون تحرير القطاع. وفي ظل هذا الاحتكار لم تشهد السوق حرية في التعرفة من أجل خفضها. المواطن يشتكي من ارتفاع التعرفة لكن عندما نقول له أن الخصخصة تخفض التعرفة يرفض ذلك ويقول إن الخصخصة تخفض إيرادات الدولة.

< كيف تكون المنافسة؟

> ما الذي يضمن تحقيق المنافسة الشريفة من أجل الحصول على أسعار أفضل؟

- الهيئة المنظمة للاتصالات هي التي تضمن ذلك في قطاع الاتصالات. جزء من مسؤولياتها بحسب القانون، السهر على مصلحة المواطن، ومن أهم مسؤولياتها منع الاحتكار والسهر على وجود منافسة صحيحة أو فاعلة. كذلك، لدى وزارة الاقتصاد والتجارة هيئة تراقب المنافسة وهي مديرية حماية المستهلك، الى جانب جمعية المستهلك التي يمكنها التدخل. من يتأكد اليوم من مصلحة المستهلك ومن وجود التنافسية؟ وهل هناك تنافسية؟ طبعا لا. هناك احتكار من القطاع العام. يقال هنا أنه يفترض على الدولة أن تدافع عن المواطن، لكن هل الدولة في لبنان أثبتت قدرتها في الدفاع عن المواطن؟ هل النواب يسهرون على مصلحة المواطن؟ متى كانت آخر مرة اجتمع فيها مجلس النواب ليبحث مصلحة المواطن في قطاع الاتصالات؟

< تجارب الدول

> شهدت دول عدة تجارب خصخصة ناجحة منها انكلترا، وأخرى تجارب مقبولة مثل تركيا وأخرى فاشلة مثل المكسيك، فما الذي يضمن أن نشهد تجربة ناجحة أو على الأقل مقبولة؟

-كل الدول الاوروبية اعتمدت الخصخصة كذلك الدول الاسيوية وغالبية الدول الافريقية، وغالبية هذه الدول شهدت تجارب ناجحة جدا والى جانبها دولة أو اثنتان يمكن القول إنها غير ناجحة. لذلك فإن احتمال النجاح ليس فقط 50 في المئة بل أكثر بما أن غالبية التجارب كانت ناجحة. حتى التجارب التي نقول إنها فاشلة كالمكسيك فهي كانت فاشلة لأن Telmex لا يزال لديها الحصة الأكبر من هذا القطاع الاقتصادي. يجب التعلم من تجربة المكسيك لجهة عدم تكرار الأمور السيئة بدءا من التأكيد على استقلالية الهيئة المنظمة للقطاع التي هي غير موجودة في المكسيك بشكل فاعل، الى عدم تسليم القطاع الى حيتان المال المحليين كما حصل في المكسيك... مع ذلك، الوضع هناك اليوم أفضل بكثير مما كان عليه عندما كانت الدولة تحتكر القطاع.

> كيف نتأكد في لبنان أنه إن اعتمدنا الخصخصة في قطاع ما مثل الخليوي، أن تجربتنا ستكون ناجحة؟

- أولا عبر إنشاء هيئة منظمة للقطاع مستقلة، يديرونها أشخاص محترفون غير مسيسين وباستطاعتهم اتخاذ القرارات المناسبة من أجل تفعيل المنافسة في القطاع. عندما طرحنا عملية الخصخصة وضعنا فيها الكثير من النقاط والشروط لكي نؤكد على التنافسية في المستقبل. قلنا مثلا: إن أي شركة تريد الدخول الى هذه العملية يجب أن تتمتع بالخبرة وأن تكون قدمت سابقا خدمات لمليون مشترك في العالم منهم 500 ألف في دولة واحدة، ذلك لنتأكد من أن من سيدير القطاع في لبنان يجب أن يكون لديه الخبرة الكافية لإدارة القطاع. في المكسيك كارلوس سليم لم تكن لديه الخبرة في مجال الاتصالات بل هو كان مجرد مستثمر محلي. قلنا: لا نريد مستثمرين محليين يدخلون الى القطاع ثم يجلبون شركة أجنبية كما فعل سليم. تأكدنا أن الشريك الاستراتيجي يجب أن يكون لديه على الأقل 15 في المئة من رأسمال الشركة وإن كان لديه أقل من 51 في المئة أن يحصل على عقد إدارة لخمس سنوات بشكل يعطيه حق التصرف في القطاع وفي الشركة. أي اننا لم نسمح فعليا لأي مستثمر لبناني أن يتحكم بالقطاع، وهذا ليس تفضيلا للأجنبي على المحلي لكن على العكس. رؤيتنا تعتمد طرح اسهم في بورصة بيروت مخصصة للبنانيين نجلب فيها اكبر عدد من المستثمرين اللبنانيين وحتى لكي يكون لديهم الأكثرية في الشركة. المهم عدم إعطاء نفوذ لأي شخص يستطيع التصرف بالقطاع من خلال علاقاته أو الرشوة فيعيد القطاع الى وضع احتكاري كما حصل في بعض البلدان مثل المكسيك. المهم أن تكون الشركات بأيدي عدد كبير من المستثمرين وليس بيد شخص معين. من هنا كان الشرط الثاني الذي وضعناه في دفتر الشروط هو وجود الاكتتاب العام المفتوح للجميع، لسببين: أولا لتحفيز اللبنانيين على المشاركة في هذا القطاع ويشارك في الربح. كلما كان عدد المكتتبين أكبر كلما انخفضت إمكانية تسلط شخص واحد على القطاع أو على فرض نفوذ معين.

< الاصلاح أو الخصخصة

> البعض يقول أن الخصخصة هي إصلاح، والبعض الآخر يطالب بالإصلاح قبل الدخول في الخصخصة لكي تكون ناجحة، ولا سيما في موضوع الكهرباء التي يعلم الجميع وضعها، فما هو الأصح، برأيك؟

-الناس يخلطون بين أمرين: هناك من يعتقد أن علينا الإصلاح أولا لكن عندما نخصخص قطاعاً معيناً نحصل على المردود الجيد. هذا التفكير مسيس لأنه يتوجه من منطلق أن الخصخصة هي فقط لإطفاء الدين العام. هذا غير صحيح. الخصخصة هي أداة إصلاح، ولو كانت الدولة قادرة على إصلاح القطاع قبل خصخصته لكانت فعلت ذلك. منذ 1990 الى اليوم لما لم تفعل ذلك لو كانت تستطيع؟ الدولة غير قادرة على الإصلاح وإن فعلت ذلك فلن يعد هناك لزوم للخصخصة. الخصخصة ليست هدفا.

> أي شركة تقبل الدخول الى مؤسسة لديها هذا الكم من المشاكل في قطاع الكهرباء، في الهدر والسرقة واهتراء معامل الانتاج؟

هذا موضوع آخر. لكني أقول أن هناك انفصاماً في الشخصية في هذه المواضيع فمن جهة يقولون يجب إصلاح القطاع لبيعه، وهو أمر غير منطقي، ومن جهة أخرى يقولون لا أحد يقبل بالدخول إليه ولذلك لا يمكن خصخصته. ما هو صحيح اليوم هو اننا لسنا بوارد خصخصة كهرباء لبنان لأن طريقة إصلاح قطاع الكهرباء ليس من طريق الخصخصة. لذلك لا مخطط لخصخصتها. هناك مشروع شراكة في بعض نشاطات القطاع. في الاعلام المسيس تختلط الأمور ويقولون يريدون تخصيص الكهرباء وتقول نقابة الموظفين إنها ضد الخصخصة ويقول وزير الطاقة أنه ضد الخصخصة! نحن أيضا ضدها.

< بين الشراكة والخصخصة

> إذا يجب توضيح الفرق بين الشراكة وبين الخصخة...

-طبعا. الخصخصة تعني بيع ممتلكات الدولة ولا يوجد شخص في لبنان يريد بيع ممتلكات الكهرباء ولا يوجد أي مستثمر يريد شراءها. الكلام عن خصخصة الكهرباء في لبنان كلام تهويلي ومسيس ولا أساس له من الواقع.

إصلاح الكهرباء في لبنان يتضمن نواحي عدة تقنية وإدارية وتمويلية وعلينا الرجوع الى خطة إصلاح الكهرباء في لبنان وللقطاع الخاص دور فيها ولكن في بعض النواحي وهي محددة في خطة الوزير فنيش مع بعض التعديلات وقد اعتمدت في الحكومة السابقة واخذتها الى باريس 3، المحور الأول هو إنشاء الهيئة المنظمة للكهرباء، ووضع سياسة محروقات تأخذ في الاعتبار تنوع مصادر المحروقات وأنواعها، ووضع سياسة جديدة للتعرفة والدعم الذي هو عشوائي ومفتوح ويجب أن يكون موجها للطبقات الاجتماعية التي تحتاجه فعلا. المحور الثاني هو إدارة الشركة إذ ان جهازها الاداري غير قادر على مواكبة الاصلاح المستقبلي أو الإدارة المتقدمة. عندما يكون متوسط العمر فيها 52 سنة فكيف يمكننا التصور أن هناك إدارة ممكننة وشابة وتفهم في التقنيات الحديثة. نحتاج الى جهاز بشري جديد وذلك عبر تطبيق القانون 462 الذي يحول الشركة الى شركة مساهمة ما يمكننا من محاسبة كل من لا يقوم بواجبه عبر إقالته. والمحور الثالث، يقضي بإصلاح الانتاج. وكل المؤشرات تدل على أن الدولة غير قادرة على تمويل هذا الأمر لذلك لا بد من إدخال القطاع الخاص الى هذا المجال ليشارك في انتاج الكهرباء وبيعها الى الدولة وليس الى المواطن. الدولة تبقى هي المستهلك وإذا رأت أن الكلفة مرتفعة تضع دعما عليها. يجب ألا نتصور أن إدخال القطاع الخاص معناه أن المستهلك سيتأثر. المحور الرابع هو إصلاح شبكات النقل والمحور الخامس هو عملية التوزيع وأهم عنصر فيه إشراك القطاع الخاص في الفوترة والجباية.

إذا نقول إننا لن نخصخص الكهرباء بل سندخل القطاع الخاص الى نشاطين فيها.

< التشركة والخصخصة

> المجلس الأعلى للخصخصة أطلق في العام 2007 عملية تشركة مؤسسة كهرباء لبنان، وكتبت مقالا الشهر الماضي عن أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لكن كيف نقتنع أنها ليست خصخصة؟

-القوانين في الدول العربية تجعل من الدولة هي من يضع الشروط على العقود مع الشركات فلا يكون للقطاع الخاص رأي في القرارات وهي فقط تستعين بطاقاته البشرية. وهنا القطاع الخاص لا يتقاسم المخاطر بسبب نوع هذه الشراكة. لذلك، عقد الشراكة في القطاع الخلوي في لبنان ليس مفهوم شراكة حقيقياً، بل هو Outscourcing. الشراكة هي Public- Private Partnership (PPP). في عقد الإدارة الشريك الخاص لا يتحمل المخاطر بل يتلقى بدل خدمات لإدارة مشروع تملكه الدولة. هذا الشخص الخاص يستهلك أصول الدولة: المعمل، الشبكة... لا يوجد استثمار جديد فيه أو تحسين. في حين أن مفهوم الشراكة يعني الشراكة في المخاطربأن يكون للشخص الخاص حصة بالأصول وبرأسمال الشركة وبالقدرة على استعماله لزيادة الايرادات وأن يشارك في المخاطر في الخسارة أيضا. وهذا النوع من الشراكة يمكن أن يطبق في قطاع الكهرباء.

< طابوريان والشراكة

> يقول الوزير طابوريان أنه ضد ادخال القطاع الخاص الى الكهرباء وفق مفهوم الـ " IPP " لأنه يعتبر أن ذلك يعطي عقدا طويل الأمد مع القطاع الخاص فلماذا تقييد يدي الدولة بهكذا عقد، ويقول أنه من الأفضل أن يكون انتاج الكهرباء مبنياً على الشراكة بين القطاعين العام والخاص الـ "PPP" . الوزير طابوريان اختلط عليه موضوع الـ "PPP" الذي يسمى " IPP" في ما يخص قطاع الكهرباء. الأول مفهوم عام لكل الاقتصاد والثاني درج على تسميته في قطاع الكهرباء لكن المعنى واحد للتسميتين. وأنا أعلم أن قصد الوزير أن تنشىء الدولة المعمل وتعطي عقد الادارة لشخص خاص لإدارته. لكن ذلك لا يتضمن شراكة في المخاطر وتقاسمها. ونعود هنا الى مثل كيف تدير "كبكو" معملي الزهراني ودير عمار: هناك شخص خاص يستهلك معمل الدولة. الفكرة من كلام الوزير حول أنه لا يريد أن تتعاقد الدولة مع شخص خاص لمدة عشرين سنة لانتاج الكهرباء هي كما لو أن الدولة انشأت معملا وتستطيع رميه واستبداله بعد خمس سنوات!

الاعتراض الثالث للوزير طابوريان هو على الكلفة زاعما أنها ستكون أعلى لو اشتريت الكيلواط ساعة من القطاع الخاص على أن انتجه أنا. ويستند بذلك الى مستند من البنك الدولي وقد فسر خطأ. ما قاله البنك الدولي هو الآتي: إن كان تمويل المعمل من القطاع العام يكون أقل كلفة من تمويله من القطاع الخاص. لأن القطاع العام سيموله من أموال كلفتها هي كلفة الفائدة عليها، في حين أن القطاع الخاص يمول جزءاً منه بالاقتراض وجزءاً آخر برأسمال وكلفة هذا الاخير أغلى من كلفة الدين. إذا، كلفة التمويل من قبل القطاع الخاص أعلى. هذا صحيح وهذا الامر يتعلمه أي طالب في الجامعة في مجال الاقتصاد. لكن من الخطأ التوقف فقط عند هذا الأمر لأن كلفة المعمل لا تتوقف فقط على كلفة التمويل بل هناك كلفة مخاطر، من هنا أهمية الـ"IPP" وهو معتمد في الكثير من الدول.

> هل سنتمكن في الدخول في هذا الموضوع مع تشكيل الحكومة الجديدة؟

كل ما يلزم لإيجاد هيئة منظمة لقطاع الكهرباء هو تعيين خمسة أعضاء لمجلس إدارتها. وإن لم تتمكن الحكومة الجديدة من ذلك، فلماذا نحتاج الى حكومة؟ لا أفهم لماذا تأخرنا في تعيين مجلس إدارة لـ"ليبان تليكوم" منذ ثلاث سنوات الى اليوم؟ نحن نطالب بتعديل القانون الذي اقترحه الوزير فنيش وأقره مجلس الوزراء بإعطاء ترخيص لإنتاج الكهرباء لمدة سنة انتهت في تشرين الثاني العام 2007، نطالب بتفعيل هذا التعديل على أن يبقى لمدة سنة بعد إنشاء الهيئة المنظمة للكهرباء، الوقت الكافي لإيجاد كل طاقم عمل الهيئة ومقرها.

من دون خصخصة الاتصالات وإصلاح الكهرباء اقتصادنا يتجه الى الفشل، ولن يكون لدينا لا سياحة ولا انتاج صناعي ولا راحة في المجتمع الى جانب خضات اجتماعية. وإن لم نحصل على قطاع اتصالات محرك وفيه تنافسية وتعرفة مخفوضة ستبقى كلفة تقديم أي خدمة في لبنان عالية ونبقى غير قادرين على منافسة أي دولة من الدول.

حاورته: إيلان غطاس