في ثانوية بيسان التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الاونروا» في مخيم عين الحلوة حضرت مدرسة مادة الاجتماع صف فرع الاقتصاد والاجتماع الذي تدرسه مرة واحدة فقط، أو بضع مرات، ثم اعتكفت عن الحضور بداعي الحمل. حدث هذا خلال العام الدراسي المنصرم.
بعد مضي شهر من غياب المعلمة طالب الطلاب بمعلمة بديلة فحضرت معلمة ثانية، صودف أيضاً أنها كانت حاملاً، ما منعها من متابعة العام الدراسي.
المعلمة الثالثة كانت طالبة في الجامعة، ما يعني أنها لم تكن تحمل إجازة جامعية.
«ربما كان الأفضل لو طالبنا بمدرس» يقول الطالب أحمد يعقوب، ممازحاً، دون أن يعني هذا التعبير أي نوع من التمييز الجنسي. بل هو توصيف لمرارة الطالب وزملائه من الاستهتار اللاحق بهم وتدني مستوى الخدمات التعليمية المقدمة لهم من الوكالة.
وما حدث في مادة الاجتماع وعطل الدراسة حدث ما يشبهه في مواد أخرى.
تصادمت معلمة الفيزياء مع أحد الطلاب فانسحبت من الصف. قررت أنها لن تعود إليه ما لم يغادر الطالب الصف. عندما حضر المدير وضعته المعلمة أمام خيارين. إما هي أو الطالب في الصف. ولما لم يكن المدير يملك القدرة على طرد الطالب، فضلت المعلمة الانسحاب والمغادرة.
مادة الكيمياء لها قصة مختلفة. صودف أن اليوم الذي تقع فيه حلت فيه معظم المناسبات الرسمية. هكذا خسر الطلاب الكثير من ساعات تدريس مادة الكيمياء، ومن أيام المواد الأخرى فكان عليهم الاتكال على مصادر أخرى لشرح هذه المواد لهم.
مشاكل الطلاب الفلسطينيين في مدارس «الاونروا» لا تنتهي. وقد كانت أمس على طاولة المؤتمر السابع الذي عقدته «منظمة الجيل الجديد» التابعة لاتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني «أشد» الذي عقد تحت عنوان «معاً وسوياً من أجل رفع المستوى التعليمي في مدارس الاونروا» في قاعة النجدة، في مخيم شاتيلا.
ويضم «أشد» ثلاثة قطاعات هي: منظمة الجامعيين، منظمة الجيل الجديد (خاصة بطلاب المتوسط والثانوي)، والشبيبة العمالية.
يشير أحمد سلام، مسؤول «منظمة الجيل الجديد» في مخيمات صور، إلى تراجع مستوى التعليم في مدارس «الاونروا». يتحدث عن أحد الصفوف التي تضم 45 طالباً نال الأول فيها 60 من مئة كمجموع عام، ولم ينجح فيها إلا الطلاب الستة الأوائل. غياب الاختصاصيين النفسيين عن المدارس هو من النقاط التي يشدد عليها سلام. وهناك أيضاً العلاقة بين الطالب ومحيطه اللبناني. ويعطي مثالاً عن ذلك أنه حتى يتمكن الطالب من الدخول إلى مخيم الرشيدية قاصداً المدرسة فهو يحتاج إلى ما يعادل النصف ساعة من الوقت للوصول وذلك بسبب ما يسميه «حصار المخيمات».
وناشد مسؤول «منظمة الجيل الجديد» في مخيم عين الحلوة عاصف موسى وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري رفع نسبة الطلاب الفلسطينيين في المدارس الرسمية والمعاهد المهنية (لا تتعدى النسبة العشرة في المئة لجميع الأجانب، ومن ضمنهم الفلسطينيين، بحسب رئيس «أشد» يوسف أحمد) «لأن الوضع المادي الفلسطيني صعب».
كما ناشد الحكومة اللبنانية فتح المراكز والأندية والملاعب الرياضية ليستفيد منها الطلاب الفلسطينيون، لا سيما أن المراكز المجهزة تغيب من المخيمات الفلسطينية.
يقول الطالب في ثانوية غزة التي تقع في مخيم نهر البارد محمد السبعيني ان أهم مشكلة يعاني الطلاب منها هناك هي أن المدارس عبارة عن حاويات معدنية (تعرف باسم «البركسات») أشبه ما تكون بحاويات النفايات. خلال الشتاء تصبح الصفوف ثلاجات بسبب البرد وخلال فصل الصيف تنقلب إلى أفران بفعل الحر. وفي مساحة صف تبلغ نحو خمس وثلاثين متراً مربعاً يصل عدد الطلاب إلى 55 في بعض الأحيان.
يتحدث طارق الصفدي، الطالب في ثانوية بيسان، عن نقص التجهيزات في الثانوية التي ينهي دراسته الثانوية فيها هذا العام. هناك عشرون جهاز كومبيوتر في الثانوية علماً بأن عدد الطلاب في صفه (فرع اقتصاد واجتماع) وحده يبلغ الأربعين. معظم الشرح يتم على اللوح الخشبي بسبب غياب التجهيزات الأخرى. خلال عامين فقط تم تبديل ثلاثة مدراء للثانوية. وهلم جرا.
«بعد اثنين وثلاثين اعتصاماً شارك الاتحاد فيها حصل الطلاب على ثانوية في سعدنايل»، تقول ميساء صالح مسؤولة قطاع الطالبات في «اشد» في منطقة البقاع الأوسط، متحدثة عن نضالات الاتحاد المستمرة وانجازاته في منطقة البقاع.
وتضيف: «قبل افتتاح الثانوية في سعدنايل لم تكن هناك إلا ثانوية واحدة في مخيم الجليل (يقع في جوار مدينة بعلبك). لكن موقع الثانوية الجديدة جاء بعيداً عن المناطق السكنية ما خلق مشكلة ارتفاع كلفة المواصلات أمام الطلاب».
أربعون شاباً اختفوا من مخيم الرشيدية منذ أسبوع وأهلهم لا يعرفون شيئاً عنهم. أكثر هؤلاء طلاب في المدارس تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والسابعة عشرة. بعد مضي بضعة أيام بدأوا بالاتصال تباعاً بأهاليهم. لقد وصلوا إلى اليونان. ليس المهم إذا ما كانوا وصلوا بصورة شرعية أو غير شرعية. المهم أنهم تركوا مدارسهم وحياتهم وأهلهم بسبب الفقر وضيق الحال والأفق. القصة يرويها معاذ عجاوي، مسؤول منظمة الجيل الجديد في مخيم الرشيدية. القصة حدثت في الرشيدية. وقد خرج في المؤتمر من يؤكد أن القصة حصلت وتحصل في مخيمات أخرى، في البلد الذي يمنع الفلسطينيين من ممارسة 72 مهنة.
المؤتمر الذي تخللته كلمة لرئيس «أشد» يوسف احمد انتخب في ختامه مكتباً تنفيذياً من عشرة أعضاء لـ «منظمة الجيل الجديد» ثم وزع المكتب المهام والمسؤوليات على أعضائه.
ووجه المؤتمر مذكرة إلى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان دعا فيها إلى ضرورة إعادة بناء «الاتحاد العام لطلبة فلسطين في لبنان». وشدد على ضرورة توزيع المساعدات الطلابية التي تقدمها المنظمة على كافة الطلبة بطريقة عادلة. وشدد على أهمية أن تأخذ المنظمة دورها في الضغط لتحسين الواقع التربوي في مدارس «الاونروا».
كما وجه مذكرة إلى دائرة التربية والتعليم في «الاونروا» عرض فيها ابرز المشكلات التي طرحت في المؤتمر مطالباً بإيجاد الحلول والمعالجات لها قبل انطلاق العام الدراسي الجديد.
إشارة إلى أن عدد الطلاب الفلسطينيين المسجلين في مدارس «الاونروا» الـ81 (بينها ست ثانويات) بلغ خلال العام الدراسي 2008/2009 ما مجموعه 34،516 طالباً في مختلف المراحل الدراسية، بحسب الناطقة الرسمية باسم «الاونروا» هدى الترك.
| Mon | Tue | Wed | Thu | Fri | Sat | Sun |
|---|---|---|---|---|---|---|
| 28 | 29 | 30 | 31 | 1 | 2 | 3 |
| 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
| 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
| 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
| 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
